الجمعة, 2024 أبريل 19


[ رسائل جديدة · المشاركين · قواعد المنتدى · بحث · RSS ]
  • صفحة 1 من%
  • 1
منتدى » الفضاءات الموازية » التراث المحلي » المعمار المغربي (منقول)
المعمار المغربي
albaschiqالتاريخ: الأحد, 2010 مايو 30, 19:15 | رسالة # 1
الإدارة العامة
مجموعة: المدراء
رسائل: 138
جوائز: 3
حالة: Offline
المعمار المغربي

المغرب غنيّ بالآثار الإسلامية خاصّة. وربما لضرورة دينيّة بحتــة لم يهتمّ العرب بالفنّ اليوناني، خاصة في مجالي الهندسة وفنّ النّحت. ذلك بأنّ العرب في فنونهم المختلفة – ومنهم طبعا المغاربة - لم يستمدّوا تقاليدهم الفنّية لا من الرّوم ولا من اليونان، بل حوّلوا ما وصل إليهم – عن طريق التّجارة والحروب والبعثات - من فنون الغير (فالمآذن والأقداس والقباب، مثلاً، أصولها غيرعربيّة ولكنّها عُرّبت) إلى سمة إسلاميّة بحتة وطبعوها بطابع إقليمي محلّي ذي شخصيّة تميّزت عبر العصور بأنّها إسلاميّة عربيّة. يبدو ذلك جليّاً في ما أقامه المسلمون من مآثر وقصور ومعالم ومقامات، انسجمت كلّياً مع الطّابع الإسلامي الصّرف. إنّ الفنّ المغربي الهندسي يمكن وصله بالفنون العربيّة الإسلاميّة الأخرى، ولكن في طابع خاص متميّز طوال العصور عمّا يوجد في المشرق (بالعراق وسوريا). ويصعب جدّاً معرفة مصدر الهندسة المغربيّة في مجال الابتكارات الفنّية والمعماريّة والجماليّة. ولكن فرضيّة ترجع الهندسة المغربيّة إلى أصول شرق أوسطيّة وإلى الشّام بصفة خاصّة؛ ذلك بأنّ: - المئذنة المغربيّة المربّعة دائماً (وليست دائريّة) تشابه مئذنة الجامع الأمويّ في دمشق بسوريا؛- يبدو أنّ الفنّ المغربي الهندسي قد تأثّر بالفنّ الهندسي العربي في إسبانيا (المستورد من المشرق على أثر الفتوحات الإسلاميّة الأولى)؛- إنّ الآثار المغربيّة الموجودة الآن في الأندلس أشهر من الآثار المغربيّة. ذلك بأنّ الذين شيّدوا »الخيرالدا« في »إشبيليّة« ليسوا من عرب إسبانيا، ولكن أمراء الموحّدين. لقد حوّل الإسبان »الخيرالدا« إلى برج »كنسي كاتوليكي«؛ كما حوّلوا جامع قرطبة إلى كنيسة لتحقيق الشّهرة الأثريّة العالميّة ليس غير، ولطمس مساهمة المغرب في إثراء الحضارة بأوربا، وأنّ جلّ الآثار المعماريّة المغربيّة تمثّلت في المساجد والمدارس والقلاع والقصور والقصبات؛
- يوجد فنّ معماري بربري وراء جبال الأطلس، ويتمثّل في القصبات وما يشبه التّركيبة المعماريّة في عمارة اليمن وبها أبراج للمراقبة. - أنّ يوسف بن تاشفين - فاتح إسبانيا - قد أقام علاقات ثقافيّة فيها، واستقدم للمغرب علماء ومهندسين من العرب لتحقيق التّواصل الحضاري الذي كان يرمي إليه في البعد الثّقافي لا السّياسي الاستيطاني؛
- يعدّ عصر الموحّدين العصر الذّهبي للفنّ المعماري المغربي. وأحسن مثال منارة الكتبيّة في مرّاكش ومئذنتها. ويعدّ مسجد الكتبيّة من أدقّ الآثار الموجودة، يضاف إليها مسجد القصبة وأسوار مرّاكش ومعقل الأدارسة وبوّابات الرّباط وبرج حسّان. وتتحلّى الآثارالمغربيّة بأناقتها ودقّة صنعها وجمال زخرفها، وإن تميّز الفنّ الموحّدي بالعظمة والبساطة والتّقشّف، وهو التّناسق الذي حقّق لها التّفرّد والخلود.
إلى جانب، هذا فإنّ الفنون والعلوم والفلاحة والزّراعة والتّجارة كانت مزدهرة رائجة، حتّى إذا أطلّ العهد المريني (1213 هـ/ 1542 م) ظهرتميزة خاصّة هي الأناقة والزّخرفة. وكان المرينيّون ينقلون فنّهم للأندلس (مهندسين،بنّائين، مزخرفين، نقّاشين، صنّاع القرميد). والآثار الباقية حتى الآن هي المدرسة البوعنانيّة، مدارس فاس. لقد كانوا يركّزون عنايتهم وعبقريّتهم على الجمال الدّاخلي. وقد توالى هذا الاعتناء بالفنّ في العهدين السّعدي والعلوي، ولنا في المقابر المنحوتة في الصّخر أمثلة من أروع النّماذج العربيّة. فالمواطن المغربي العادي بحسّه الفنّي وذوقه البديع شارك في تشييد الفنّ المعماري في البلاد على مرّ السّنين ونقلها للغير. إنّ ممارسة الحضارة لا تكون على أساس النّظريات فقط،بل في طريقة ممارستها في الحياة اليوميّة. وما أنتجه المغرب في فنّ الزّخرف ومايحمله من جمال الهيكل ومن التّلوين ممّا يتفوّق به المغرب. وقد اشتهر المغاربة أيضاً بصناعة الجلود بعد أن أصبح اسم الجلد المغربي دليلاً على التّفوّق، لأنّه مطرّز ومذهّب ومتقن الصّنعة والدباغة وفاخر. كذلك الزّرابي التي تضاهي أحياناً شهرة الزّرابي الإيرانيّة، ويرجع ذلك إلى رقّتها وإلى أناقة نقوشها وكثافة صوفها وطراوتها وبساطة الزّخارف، ممّا جعل المنتوجات الصّوفيّة والحريريّة المغربيّة تلقى من الإقبال ما يجعلها تحتلّ الرّيادة. وممّا يحدّد قيمة أيِّ حضارة لا يتمثّل في هندستها أو علمها أو حجم البلد الذي تقوم فيه، لكنّ الذي يحدّدها هو كيفيتها ومستوى الشّعب الذي أنتجها، مع إبراز الرّوابط الخلقيّة والأخلاقيّة والمدنيّة والإنسانيّة بين جميع مكوّنات المجتمع. وبما أن طبيعة الشّعب المغربي قد نمت وتطوّرت تحت تأثيرهذه الحضارة العريقة، فإنّ المغاربة حافظوا على تقاليدهم سواء في الحروب أو في اللّباس أو في المأكل أو في التّأنّق، وكانت هذه الفضائل تنعكس بطبعها على الثّقافة وعلى مستهلكيها وعلى منتجيها. وظل المغرب ينمِّيها ويحملها مزكّاة إلى قلب القرن الحادي والعشرين.
في خصوص الفنّ الشّرقي، نلاحظ تقارب الأساليب المغربيّة الأندلسيّة مع المناهج الفاطميّة، سواء في المظاهر الهندسيّة أو في النّقوش بالرّغم من استعمال الآجر في المغرب والحجر والطّوب والقباب المحدودة في مصر. وقد تأثّرالإسبان المسيحيّون الذين عاشوا بين ظهراني المسلمين بالأندلس بالفنّ العربي الذي ظهرت بعض معالمه في بناء الكنائس. ولا توجد الآن في غرناطة أيُّ مؤسّسة مهمّة أقدممن قصر الحمراء، وما زالت »قيساريّة المدينة« إلى الآن شبيهة بقيساريّة فاس. فللمغرب والأندلس إذن كيان واحد خاص بهما. إذ ظلّ المغرب والأندلس يتعاطيان حضارة واحدة طوال العصور الوسطى، وهي حضارة تختلف عن حضارة الشّرق. لقد أقبل المغرب على إثراء الأندلس وصارت البيئة المغربيّة أشبه شيء بالوثيقة الحيّة الصّورة والانعكاس صناعة التّاريخ ليست بالمسلّمات الذي يقدر على إتيانها العادي من الأحداث أو من النّاس، بل من يروم فعل ذلك يكون الإيمان بالفعل المضيف والبنّاء عقيدته. وهذا أمر ينطبق كليّاً على تجربة المغرب التّاريخيّة من عهد انبعاثه مروراً بالعصور الوسطى إلى حاضره الزّاهر، في إسهامات أعلامه ومفكّريه وقادته، لأنهم صنعوا تاريخ المغرب وأثروا حضارته بما تركوه للتّاريخ يقرأ فينطق داخل الوطن (المغرب) وخارجه، ولا سيما بأوربا. وقد علّمنا التّاريخ أنّ الأمم العظيمة تكتب سيرتها في كتب أربعة: كتاب أقوالها؛* كتاب أعمالها. * كتاب فنونها؛* كتاب أعلامها؛ .ولا سبيل إلى فهم هذه الكتب ما لم يطّلع على الكتابين الأخيرين. ذلك بأنّ الحضارة العربيّة التي ولدت في بغداد أيّام بني العبّاس، قدّمت للعالم الإسلامي مسالكها من دراسات وعلوم وفنون ومترجمات وتراث الإغريق من فلسفة وحساب وطبوعلوم. ويرجع الفضل الأكبر للحضارة العربيّة في إلمام أوربا بهذا الوافد الجديد،وما ظهور الكندي والفارابي والغزالي وابن سينا في خضمّ البناء العلمي الحضاري للأمّة الإسلاميّة العربيّة إلاّ مؤشّر جديد لعلوم كونيّة ستساهم - ولا شكّ - في الارتقاء بالإنسان وبناء النّهضة الأوربيّة الحديثة فيما بعد. وبعد اختفاء هؤلاءالعلماء، استمرّت الحضارة العربيّة في الانتعاش والاستمرار، وخاصّة في المغرب الذي تمكّن، بفضل استيعابه لمسالك الحضارة وفنونها ثمّ نشرها خارجه، من أن يترك بصماته الحضاريّة الواسعة المدى على التّفكير والفن في أوربا خاصّة([9]). وبهذا استطاع المغرب أن يؤدِّيَ دوره الرّياديّ بفضل تاريخه القديم وحضارته الإسلاميّة، وعلى أن يكون فصلاً ثابتاً في تاريخ الإسلام وحضارته منذ أقدم العصور إلى الآن. وهي ظاهرةهامّة في أنّ الحضارة المغربيّة تبقى حضارة إسلاميّة عربيّة. وقد مكّنه وضعه وموقعه الجغرافي من أن يحافظ على حضارته ويحاول تنميتها، وأن يكون جسراً منه تنتقل الحضارة العربيّة، وقد نقل المغرب فعلاً ثقافة اليونان وحضارته من المشرق إلى أوربا. لقد أفرغ المغرب مزيج حضارات الأمم الأخرى في قالب خاص تمثّلت فيه النّزعة العلميّة والميل إلى التّجربة والاستقصاء، كما يتمثّل فيه الابتكاروالإبداع والتّجديد، لا التّقليد والجمود. ويكفي المغرب فخراً أنّ التّقليد الإسباني للرّيّ الباقي إلى يومنا هذا مأخوذ عمّا بدأه العرب في »بلنسيّة« منذ مطلع القرن العاشر، أي منذ أكثر من ألف سنة. ولا نستغرب أنّ شبكات الرّيّ التي تفتّقت عنها عبقريّة الهندسة العربيّة والإسلاميّة إبّان حكم العرب المسلمين بلنسيّة وملحقاتها مازالت صالحة ومستعملة إلى الآن وتؤدّي وظيفتها كأنّها رُكّزت اليوم، وهوما يؤكّد جدارة علماء المغرب والمسلمين عموماً وتضلُّعهم في أوج عصرهم الذّهبي من الأبحاث العلميّة والطّبيّة والهندسيّة، فضلاً عن الزّراعة والفلسفة والنّواحي التّطبيقيّة في حياتهم آنذاك. وجميل أن يتذكّر الجيل الحاضر ما أنجزه السّلف أيضاً،وأن يقف الإنسان المعاصر عند تلك المنجزات وقفة تأمّل وإكبار، يعقبها حماس وعزم على المضيّ قدماً في سبيل الإبداع العلمي والحضاري معاً، وأنّ الفضل في تحقيق المدنيّة العربيّة الإسلاميّة في غرب أوربا ينسب إلى العرب والمسلمين الأفارقة، ممّا يترك مجالاً كبيراً للقول بأنّ الحضارة الأندلسيّة الولد البكر للمشرق العربي للمغرب،وكأنّ المغرب لم يحدب على ذلك الوليد ويأخذ بيده موصلاً إيّاه إلى أخصب الأجواء. ولنا أن نستشفّ ولو بعض معالم الحضارة العلميّة العرفانيّة التي أسهم بها العرب والمسلمون في خدمة الإنسانية، معالم يمرّ بها أبناء الغرب حالياً دون أن يتذكّروا
 
منتدى » الفضاءات الموازية » التراث المحلي » المعمار المغربي (منقول)
  • صفحة 1 من%
  • 1
بحث:

موقع مدرسة العبور © 2024